مملكة اللاديكتاتورية جدا
بقلم عادل صيام ADEL SEYAM
الخلفية هي مدخل قصر كبير و يوضع منصتين لإلقاء الخطابات إحداهما عالية جدا و الثانية مرتفعة عن الأرض شيئا ما و لكنها أقل بكثير من المنصة الأولى يوجد شخصين يقوم الأول بد ور الحاكم حيث يقف على المنصة العالية، الشخص الثاني يؤدي دور الحاجب أو الوزير يقف على المنصة المنخفضة بينما تظهر جموع من الصامتين الذين يمثلون الشعب فى حديقة القصر.
الضوء مسلط على المنصة المنخفضة فى حين لا تكاد تظهر المنصة المرتفعة
يصيح الحاجب بصوت عالى مبالغ فيه :
نتيجة الانتخابات النزيهة
في دولة اللاديكتاتورية - جدا –
لقد أظهرت الانتخابات تأييد الناخبين و المرشحين على وجه سواء، محبة و مآزرة و تأييد الجميع على مختلف المستويات للسيد الحاكم على الدوام، و إليكم المرسوم التالى.
نداء ملكي رقم واحد ليوم واحد سنة خمسين لحكم ملككم اللاديكتاتور
قرر مولاكم و سيدكم و راعيكم الملك الهمام المغوار هازم الأعداء و مفرق شملهم أن ينعم عليكم بقبول رجائكم في المثول بين يديه و تقرر ذلك في يوم الجمعة التالي في حديقة قصره الملكي، فعليكم أن تتجهزوا و تتعطروا و تجلوا الجباه لتليق بالسجود عند قدميه
و إليكم صورة من النداء
يذهب الضوء إلى اليمين حيث يظهر المرسوم على شاشة جانبية مذيلا بـ
توقيع : ملككم
اللا ديكتاتور جدا
خاتم مملكة اللاديكتاتورية جدا
و شعار المملكة علي الخاتم
رجل يضع سباته اليمني علي عينه اليمني و سبابته اليسر في أذنه اليسري بينما ضم كفيه ليغلق الفم
ثم ينزل الحاجب إلى جوار المنصة، و يعم المكان ظلام دامس
يصدر صوت امرأة تقول فى بشر و سعادة مصطنعة لقد من الله علينا و تم اختيارنا لحضور اللقاء الذى سيلقى فيه الحاكم بكلمته للشعب، يرد عليها زوجها قائلا فى همس و لوم، يا تعيسة ارفعى صوتك حتى يسمعك الجند جيدا. ترفع الزوجة صوتها و تردد نفس الجملة التى قالتها. فى حين يرفع الزوج صوته الحمد لله الحمد لله الحمد لله، ويردد هو و زوجته اللهم أحفظ حاكمنا اللهم أحفظ حاكمنا.
يعم المكان الصمت و الظلام ثانية، ثم نسمع صوتا جهوريا يوحي بالتوتر و الترقب يقول: ها قد جاء اليوم الموعود.
ها قد جاء اليوم الموعود
يتسلط الضوء حيث يحتشد الناس مئات بل الآلاف في حديقة القصر الملكي الفارهة، و التي ضاقت بجموع الشعب، ثم ينتقل الضوء تدريجيا مع موسيقى طبول توحي بحركة ارتفاع الضوء ، صوت الموسيقى و حركة الضوء يلقيان الرهبة و التوتر فى النفس، أخيرا يستقر الضوء على وجه الحاكم الذى يبدو عليه ملامح الكبرياء و العزة و الأنفة.
بينما ظهر الحاكم في أحلي لباسه زاهيا علي رعيته، على الجوانب يظهر مجموعة من الجند كما نعرفهم من لباسهم، ينظر الحاكم جهتهم فيسجد الجند في إشارة آمرة لكي يقلدهم الجميع، ويذعن الجميع
يتنحنح ثم يقول
أنا اليوم قد وليت عليكم ملكا، سلطانا، حاكما
يعلو صياح الجماهير مهللين و معربين عن سعادتهم بما قال يبدأ الصوت فى الانخفاض تدريجيا، بينما تخفت ابتسامة الحاكم ثم ينظر إلى حيث تكون الجموع فى استنكار و كأنه لا يرضيه هذا الكم القليل من الهتاف، فتعود أصوات التهليل فى الارتفاع ثانية، و تستمر طويلا حتى يشعر الحاكم بالرضا، و تبدأ فى الخفوت عندما يشير لهم الحاكم بيده أن يتوقفوا، ثم تنقطع تماما عندما يشير لهم بعصبية أن يتوقفوا.
فيستطرد قائلا
اليوم يوم سعدكم الأعلي
هكذا قال كل العرافين
هكذا قال ميشيل نوستردام
و سان جيرمان
و غيرهم كثير لا أذكر الأسماء – فى تأفف-
فليس الاسم هو المهم
المهم هو الفعل
و أفضل ما فعل كل العرافين
هو أنهم أجمعوا
إن يوم السعد هو يوم ملكي – فى كبرياء شديد -
أنا لست ديكتاتوريا جدا
و لذا فأنتم في كنفي سعداء
محظوظي الطالع
إن أضحك ينبت الفرح علي وجوهكم
و أن أهمس تطربون لصوتي
ينظر الحاكم إلى حيث الجموع بابتسامة تعرب عن رغبته فى أن يهللوا لكن يبدوا انهم لم يفهموا فيومئ برأسه فى عصبية إنه ممتن لهم مما يدفعهم للصياح و التهليل.
تبدو ملامح السعادة على وجه الحاكم و هو يشير لهم أن يتوقفوا، و يهدأ الصوت تدريجيا، يعاود الحاكم حديثه:
انا السلطة
و ليس السلطة إلاي
أعرفتم لماذا سمي اليوم جمعة لأنني أجتمع بكم فيه
أظنكم اليوم فهمتم لماذا كان التقويم
شعبي الحبيب الخاضع الساجد المذعن جدا لحاكمكم اللا ديكتاتور - جدا –
دمتم لسيدكم عبيدا و إماء
و رمزا للخضوع، و فهما لمعني الذل الحقيقي
انا لا انساكم علي الدوام
علي الدوام مشغول أنا بكم
أذكركم و أنا أضع قدمي علي السجادة الحمراء في ردهات القصر
يستدير الحاكم فى حين تنخفض الإضاءة عنه و تنزل إلى حيث المنصة المنخضة التى يصعد عليها الحاجب ليقول فى صوت جهوري و بطريقة مبالغة فى الفخر و الاعراب عن السعادة:
المرسوم الملكي الأول
ثم ينزل عن المنصة
يبدأ الضوء فى الارتفاع إلى المنصة العليا مع صوت الطبول حتى يستقر الضوء على وجه الحاكم الذى يتطلع للشعب فى سعادة منتظرا منهم التهليل فيبدأون فى التهليل فورا و لا يتوقفوا حتى يشير لهم الحاكم مرتين بالتوقف، و عندما يعم الصمت المكان ينظر الحاكم فى الأوراق التى أمامه و يبدو عليه أنها ليست الورقة المقصودة، فيقلب فيها بطريقة مبالغة حتى يحصل على الورقة التى يحتاجها ويبدأ فى قراءتها:
مرسوم ملكي رقم واحد ليوم واحد من سنة واحد
لملكنا الخالد
يرفع من لغة شعبي الحبيب عند التخاطب مع ملكهم الهمام لفظة
{ كلا أو لا أو ارفض أو اشجب أو أعترض، لا أوافق أو اقترح }
انتهي المرسوم الأول
و ها هي صورة من المرسوم ، يشير الحاكم إلى الجانب الأيمن يذهب الضوء إلى حيث تظهر صورة المرسوم على شاشة عرض جانبية يظهر فيها نص المرسوم مذيلا بالكلمات التالية
توقيع : ملككم
اللا ديكتاتور جدا
خاتم مملكة اللاديكتاتورية جدا
و شعار المملكة علي الخاتم
رجل يضع سبابته اليمني علي عينه اليمني
و سبابته اليسري في أذنه اليسري بينما ضم كفيه ليغلق الفم
يهلل الناس و يصفقوا حتى تنغلق الشاشة و يتحول الضوء إلى المنصة المنخفضة، حيث يقول الحاجب بنفس اللهجة المبالغ فيها:
المرسوم الملكي الثاني
ثم ينزل عن المنصة
يعاود الضوء الارتفاع و تصاحبه الطبول التى تتوقف بمجرد استقرار الضوء على وجه الحاكم الذى يبدو ممتعضا لعدم ترحيب و تهليل الناس له فيبدأ صوت التهليل بشكل مبالغ فيه، و لا يتوقف حتى يشير لهم بالتوقف. فيبدأ فى البحث فى الأوراق التى تسقط منه أسفل المنصة فيميل ليبحث عنها خلف المنصة فى حين يصدر صوت التقليب فى أوراق و سقوط اشياء ثقيلة و جلبة مبالغ فيها، بعد مضي وقت طويل يظهر الحاكم ثانية و قد ظهر على وجهه الإجهاد و التعب يشرع الناس فى التهليل فيشير لهم فى عصبية أن يتوقفوا، فينقطع الصوت بينما يقول هو فى تأفف، و عدم اكتراث:
و اليكم هذا دستوري
المادة الأولي
بمنتهي الديمقراطية أحبائي أنتم أحرار في أن تمتدحونني
من أراد منكم أن يمتدح شجاعتي فله ذلك و من أراد أن يمتدح جودي فلا غرو، و من أراد أن يتحدث في جمالي و بهائي و صدقي و أمانتي وتاريخي و جغرافيتي فلن نمنعه، نحن بلد الديمقراطية – و نحن هنا تعبر عن شخصي، و بلد أيضا تعنيني أنا – فأنا السلطان و القوة و الحكم و العلم، و أنتم بدون حاكمكم لا شئ.
عليكم أيضا أن تقروا لي في علنكم و سركم بأكثر مما أقررتم لأي حاكم سابق، فليست الديمقراطية أن تخرجوا علي
مقتطفات من دستور مملكة اللاديكتاتورية جدا
احبائي
يجب علي كل فرد من الرعية أن يعرف القانون الجديد
علي كل فرد شراء نسخة من الجريدة المحتوية علي مواد القانون، ليتطلع إذا كانت تشمله أحد مواد الإعفاءات من الضرائب فلا تبخل بدفع ثمن الجريدة للسلطان و تظل أعواما تسدد الضريبة التي أعفاك منها السلطان للحكومة.
و لما كان السلطان هو الوحيد الذي كد و جد و اجتهد و سهر طويلا و تعب كثيرا من أجل كتابة القانون بمفرده فمن الواجب أن يسدد ثمن الجريدة لخزينة السلطان الخاصة
إعفاءات من الضرائب :
كل من كان أحدب الظهر ترفع عنه ضريبة رفع القامة
كل من كان ضريرا ترفع عنه ضريبة التطلع لوجه السلطان
كل من كان أصما ترفع عنه ضريبة سماع صوت السلطان
جزاءات
كل من كان قعيدا يدفع ثمن قعوده طوال الوقت، لأن هذا يعني أن يكون قاعدا في وقت يقف فيه السلطان كل من كان أبكم يدفع ثمنا تعويضيا عن عدم تهليله للسلطان
كل من كان مشلول اليد يدفع ثمنا لعدم تصفيقه طربا لكلام السلطان مع مراعاة أن يدفع مشلول اليدين ضعف مشلول اليد الواحدة
مسموحات و محذورات
مسموح لكل محكوم – و المقصود بكل محكوم هو المتواجد على ألأراضي مملكة اللاديكتاتورية جدا سواء كان مولود على أرضها أو عابرا عليها كطريق ما دامت فترة تواجده بمملكة اللاديكتاتورية تسمح له بممارسة أى من الحقوق التالية: -
كالجلوس على أرض المملكة، أو الوقوف أو الإنتفاع بظل أشجارها، أو الشرب من مائها أو التغوط في مباولها، أو المشي في شوارعها، أو التحدث أو التنفس من هوائها
مسموح 1
عندما أجلس يمكنكم الجلوس، و لكن لا ترتفع قامتكم عن قامة سلطانكم فهذا ليس من حسن التأدب مع حاكم و مليككم و سلطانكم الذي يحبكم و يحنو عليكم و يسعى لخيركم و ليس معنى أن أسمح لكم بالجلوس أن تتجرأوا عليا و تتطاولوا
و إن أقف تسجدون لوقوفي
فلا يجوز أن أكون واقفا لأجلكم و ترتفع قامة أحدكم أو يجلس مرتاحا
محذور على كل محكوم - و المقصود بكل محكوم هو المتواجد على أراضي مملكة اللاديكتاتورية جدا سواء كان مولود على أرضها أو عابرا عليها كطريق ما دامت فترة تواجده بممكلة اللاديكتاتورية تسمح له بممارسة أى من الحقوق السابقة فمنطقيا أن ينطبق عليه المحذورات التالية- :
حاذروا أن تسمعوا الغناء
فتطربوا
فالطرب ترف لا يليق بمثلكم
اعذروني شعبي الحبيب فقد مر الوقت، و بعد قليل لابد أن أحصل علي قسط من المتعة المخصصة لبعد الظهيرة، باق مواد الدستور ستعلن في نسخ متتالية من جريدة اللاديكتاتورية – جدا –
سعر النسخة 25 روبية
لا تنسوا أن تسددوا رسوم المثول بين يدينا عند بوابات الخروج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق