http://www.foreca.com/

09‏/06‏/2010

أيام من الصمت لون من الاعتراض بقلم عادل صيام

أيام من الصمت

لون من الاعتراض

بقلم عادل صيام

لعل عادة الوقوف دقيقة حداد بدأ الأخذ بها في عام 1903 حين صدر مرسوم بابوي بتكريم أحد افراد الارسالية الفرنسية اعترفا بمجهوداته في التبشير بالكاثوليكية فكان الاحتفال بوفاته بالوقوف دقيقة و اشعال الشموع و قرع الأجراس، و أنا لا علاقة لي بهذ العادة سوى أنني اقف اضعاف ذلك فقد أقف أياما متتالية في الاعتراض.

لام علي بعض من لاقوني في الأيام التالية لمجزرة أسطول الحرية، و قال لى أناس قل شيء أى شيء لا تصمت هكذا فانت أبعد ما تكون عن أن تخاف من أمر كلمة تقولها فلم الصمت ، و من يعرفني عن قرب، التمس لى العذر أو عرف منهجي في الشجب، بعدم التعليق.

و أقول مرت علي الأيام التالية لمذبحة أسطول الحرية في حالة من الحزن، حزن له سببه و منطقه، فهناك قتلى إذن لابد ان نحزن، قتلي هم أناس قاموا من فراشهم و سافروا من بلادهم و من لا يعرف ما يعانيه المسافر فليعرف أن ما تكتسبه من خبرة و متعة في السفر له ضريبته التى لابد أن تدفعها، و ما أقصده هنا هي ضريبة التعب و الكلل خاصة لمن تجاوز عمره الستين أو حتى من هو في سن الشباب و يعاني بعض المرض، أو من يكون في شباب و صحة و عافية فإنه أيضا يتعب من السفر، فالسبع فوائد لن تأت بلا مقابل.

و هؤلاء الذين خرجوا على أسطول في عرض البحر لكي يحملوا العون السلمي لإخوانهم من البشر، حتى و إن أختلفوا معهم في الأصل و اللون و العرق و الدين و التوجه السياسي، لكنهم حملوا لهم بعض الأدوية و الأغذية، و الحلوى للأطفال.

قتلوا لا لشيء سوى لأن قلوبهم رقت أنه قد يكون هناك من هم في سن أحفادهم يحتاجون للفرح بقطعة حلوي، هذا فضلا عما قد يعانيه هؤلاء الأحفاد من سوء تغذية، أو يفتقدونه من الأدوية الضرورية.

حدث ما حادث و قتل من قتل، و تحدث الكل عن الحادث كل من وجهة نظره، و قرأت مئات الصفحات عن الحادث، رأيت ساعات طويلة من النشرات، و في النهاية ما الذى تغير، لم يتغير أى شيء، لماذا لأن القوى العظمى في كل مكان، و هنا لا أقصد دولة بعينها بل كل الدول و كل الحكومات بلا استثناء. أقول إن الحكومات تمشي في اتجاه بينما يمشي اسطول السلام في اتجاه آخر، فحتى الحكومات التى تخرج من موانيها السفن السلمية التى لا تحمل سوى غذاء و أدوية، هذه الحكومات لا تعمل على حماية هذا الاسطول السلمي و أنا لا أقول بدولة بعينها، فهذا الأسطول لم يتحرك لحمايته أى دولة شرقية أو غربية على الرغم أنه قد كانت على متنه رعايا أوروبيين، و الحماية هنا لا أطلبها حماية بقوة السلاح، فالنهج الإسرائيلي كان مسبوقا بتحذير واضح، خرج عبر قنوات الإعلام أنهم لن يتركوا هذا الأسطول يصل، فما الدور الذى قامت بهذه الحكومات قبل أن ترسل الأسطول، و إذا كانت هناك مساعي من هذه الحكومات فمن المؤكد أنها لم تكن كافية لحماية هؤلاء الأبرياء.

و لا أجد أن هناك معنى أن نرسل معونة لمسجون أو محاصر، و نقول ها قد ارسلنا العون و استراح ضميرنا، و نحن نعرف أن من يقوم بالحصار قد قالها علنا لن ادع المعونة تصل. فقبل أن ترسل هذه الحكومات التى يخرج رعاياها على هذا الاسطول عليهم أن يؤكدوا على من يفرض الحصار أن في هذا الاسطول أشياء لا تضر به، و أن رعاياها يجب ان يحترموا، و أن ما قد يتعرض له هؤلاء الرعايا سيكون له ثمن غالي.

لكن أن نرسل الناس فقط ليشاركوا المحاصرين في همهم و يموتون من أجلهم دون أن نتيجة ايجابية، فهذا ما لا معنى له، فأهلا بألف شهيد لو أنهم سيوصلون الدواء لمريض واحد، و لكن ما لا معنى له أن يموت أناس من مختلف البلدان و لا تصل قطعة حلوى واحدة لطفل يبكي، أو أن تصل زجاجة دواء لأم حبلى تعاني من نقص الغذاء، او يصل جهاز تعويض لمعاق لا يمكنه الحركة. لا يصل أى شيء و يموت الناس على اسطول السلام، و لا أى رد فعل قوي، يقول أن هناك أمل في وصول أى شيء في اليوم أو الشهر أو العام التالى.

لا أعرف من اين يأت الحكام هل نستودرهم من المريخ، أو أين كان ذوي القلوب الرحيمة الذين يموتون مسالمين من أجل أخوانهم من البشر المحاصرين، و لمن ذهبت اصوات من كانوا على اسطول السلام في صناديق الاقتراع.

ملحوظة: أنا لا ادعوا للدقيقة الحداد، و لاأرى سوى ان يفعل كل شخص ما يراه من خلال معتقده كتكريم للميت أو الشهيد. و هم عند ربهم سيجازيهم بما يليق بهم.

ليست هناك تعليقات: