العبودية المعاصرة في بريطانيا والغرب
بقلم : محمد خليفة / كاتب من الإمارات
البريد الإلكتروني: medkhalifa@maktoob.com
الموقع الإلكتروني : http://www.mohammedkhalifa.com
بقلم : محمد خليفة / كاتب من الإمارات
البريد الإلكتروني: medkhalifa@maktoob.com
الموقع الإلكتروني : http://www.mohammedkhalifa.com
نشرت مؤسسة جوزيف روونتري البريطانية وهي مؤسسة تُعنى بحقوق الإنسان ، تقريراً عن العبودية المزدهرة في بريطانيا . ويقول التقرير ، إن رجالاً ونساءً وأطفالاً يتم استغلالهم من قبل حوالي عشرة آلاف من زعماء عصابات يعملون في أنشطة مختلفة . والاستعباد لا يقوم فقط على العنف الجسدي ، ولكن أيضاً على طبيعة العمل الذي يمارسه الشخص المستعبد من سوء إسكان وسحب للوثائق وخداع، وذلك للتحكم بهؤلاء المساكين الذين يتم إحضارهم بشكل غير قانوني لبريطانيا ، ويعملون في ظروف بشعة برواتب تكاد تكون لا تُذكر ، ويتعرضون للضرب أو الفساد أو الاغتصاب أو الترحيل وربما للقتل . والواقع أن المرء يفاجأ لأول وهلة ، إذا سمع أن هناك عبودية في بريطانيا وفي غيرها من دول الغرب ، لأن وسائل الإعلام المرئية والمسموعة أصمّت آذان البشر ولاسيما في دول العالم النامي عن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان الموجودة في أوروبا والغرب ، حتى أن أحلام الشباب في دول العالم النامي أصبحت محصورة في الهجرة والإقامة في جِنان الخلد الغربية . لكن هؤلاء البسطاء لا يعلمون أن الجِنان إذا كانت موجودة ، فهي ليست للمهاجرين ، وهي ليست أيضاً للشعوب الغربية ، بل إنها مقصورة على نخبة من هذه الشعوب ، وخاصة أصحاب الثروات والأطيان . وهؤلاء جِنانهم في كل مكان في الأرض ، ففي أفقر وأتعس دول العالم هناك أغنياء يلهون ويعربدون على آلام شعوبهم . وكما قيل، إن الأذن تعشق قبل العين ، فإن الرسائل الإعلامية الغربية المستمرة ليل نهار عبر القنوات الفضائية وسائر وسائل الإعلام الأخرى ، تدفع الشباب في العالم النامي إلى التفكير بالهجرة إلى دول الغرب ليعيشوا فيها حرية غير مشروطة ، ويفعلون ما يحلو لهم ، لأن الأموال ستنهمر عليهم كما المطر . لكن هؤلاء لا يعلمون ماذا يخبأ لهم خلف أكمة الإعلام المضللة ، لأنهم ما إن يصلوا إلى أية دولة غربية حتى تبدأ رحلة عذابهم . فإن كانوا قد دخلوا بإذن شرعي من قِبل الحكومات ، فإنهم سيخضعون لدورات متنوعة ، وبعدها تؤمن لهم الحكومة أعمالاً تناسبهم . والأعمال المتوفرة للمهاجرين في دول الغرب تندرج كلها في قطاع الخدمات ، سواء في خدمات الطرق والأرصفة من تعبيد ورصف وكنس وتنظيف ، أو في خدمات دورات المياه ومجاريها والصرف الصحي والسباكة ، أو في خدمات المطاعم والفنادق والملاهي والمراقص والحانات . وهنيئاً لمن يحصل على عمل في قطاع الخدمات لأنه إن لم يحصل يتم توجيهه إلى العمل في الزراعة أو إلى العمل الشاق في بعض المصانع والمناجم التي تحتاج إلى جهد بشري . وقلة من هؤلاء من يبتسم له الحظ فيعمل في شركة خاصة أو حكومية في وظيفة محترمة . وأما من يهاجر إلى الغرب خلسة وبطريقة غير شرعية ، فإن وضعه هناك سيكون أسوأ ، لأنه قد يتعرض للابتزاز من قِبل رجال العصابات الذين يسخرونه في أعمال مجهدة وشاقة وبأجور تكفي سدّ الرمق . ويتحوّل هؤلاء إلى آلات ، فيفقدون صحتهم يوماً بعد يوم حتى يموتوا من شدّة الجهد والجوع والتعب ، ولا تنفعهم كل جِنان الديمقراطية والحرية التي تتشدّق بها أبواق وسائل الإعلام الغربية ، لأن هذه المفردات لا وجود لها إلاّ في الخيال . وأما الواقع ، فإنه مُرّ ، ولا شك أن فضح ما يسمى الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان الموجودة شكلاً في دول الغرب هو مسؤولية تقع على كاهل كل حرّ في هذا العالم ، لأن النظام الذي يقوم على ظلم الآخرين وابتزازهم سواء أكان هؤلاء في داخل الغرب أو في دول العالم الثالث ، هو نظام لا يستحق المديح والثناء عليه ، لأنه نظام طغياني وعدواني يقوم على الرأسمالية المتوحشة التي لا تعرف إلاّ جمع المال وتكديسه في جيوب أصحاب الثروات ، وحتى لو كان ذلك على حساب آلام الآخرين وعذاباتهم . ويكفي أن نرى ماذا تفعل الولايات المتحدة وبريطانيا ومعظم دول الغرب في العراق وأفغانستان من قتل وإرهاب بحق الشعبين العراقي والأفغاني ، وما يفعل النظام الصهيوني المدعوم من الغرب في فلسطين من قتل وتشريد بحق الشعب الفلسطيني ، حتى ندرك مدى الوهم الكامن خلف تلك المفاهيم المزيفة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ، وحتى نتأكد أن هذه الدول هي أولى الدول ديكتاتورية وقمعية في العالم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق