من كتاب باريس أبيض و أسود للكاتب عادل صيام
الرسوم الداخلية الفنان عرفه عبد المعز
حقا من رأى بلوة غيرة هانت عليه بلوته، قال لى أحدهم:"الدول العربية فيها الواسطة و الكوسة و القرع، و الدول العربية فيها المتعلمين يعملون في وظائف لا تليق بهم، و في الدول العربية لا توجد خدمة جيدة।"
يحضرني مقولة من فيلم الأرهاب و الكباب لهذا الرجل الأسود الذى لم يكن له في الفيلم دور سوى أن يردد لنا كلمة في أوروبا و الدول المتحضرة
عندما شاهدت الفيلم لأول مرة لم أكن قد رأيت أوروبا بعد، و كان حلمي أن ارى متاحف أوروبا و حدائقها، و تم تحقيق الحلم و الحمد لله و رايت المتاحف و الحدائق، و لكننى رأيت بجوار المتاحف الباعة المتجولين مثل أى بلد عربي، و رأيت في الحدائق من ينامون لأنهم بلا مأوى، و في فرنسا على وجه التحديد أقدمت الحكومة على عمل حراسة للحدائق و تقوم بقفلها عندما يحل الظلام حسب التوقيت الشتوي أو الصيفي حتى لا تحدث فيها مصائب لا يمكن وصفها، و لم تجد الحكومة سوى هذه الطريقة، محطات القطارات مليئة بمن ينامون فيها هربا
من الأمطار
و الواسطة موجودة في اوروبا و في امريكا و الشحاذين مرميين في الشوارع في باريس، و ظاهرة الخيمة في عرض الطريق أصبحت شيء يمكن أن يراه الجميع في أماكن عديدة، و من يجلسون في هذه الخيام ليسوا الشخاص الذين يحبون الحياة في المعسكرات، بل هي حل أمثل لحياتهم لأنهم لا يمكلون مسكن، و قائمة الانتظار للحصول على سكن مدعوم من الحكومة تمتد لعشر سنوات - إلا في حالة الواسطة - و هناك من يقول لك أعرف فلان من الممكن أن يجعل ملفك يمر بسرعة و تحصل على سكن أو عمل و لكن لابد أن تدفع، و ربما تدفع و يتم النصب عليك سواء من الموظف نفسه او من الوسيط، و حاول أن تحصل على سكن خاص ستجد أن البنك يتعامل معك و كأنك نصاب يود أن يضمن ماله، فيقتطع عمولته في البدائة و ذلك بعد أن يأخذ كل الضمانات من أنك تعمل بعقد غير محدد المدة، فعقد العمل المحدد المدة غير مستحب عند وكالات السكن و لا عند البنوك
و أكذوبة معونة الحكومة أمر لا يغني من جوع فالحكومة ستحسب لك الدخل و تقدر لك المعونة فدخلك ألف يورو و إيجار السكن الذى لا يتعدى اربعين متر مربع قد يزيد عن خمسمائة يورو و الحكومة تدعمك بحد أقصى مئة و ثلاثين يورو، و فاتورة الكهرباء و الغاز ربنا يجيرنا.
و النصابين الذين يدعون الخبرة و يخربوا الدنيا و يطالبوا بأجورهم بكل قحة موجودين في أوروبا
و الحاصلين على درجات عملية و يعملون كحراس او جرسونات في القهاوي بالكوم و عدد المسجلين كعاطلين عن العمل لا يصدق و الحكومة لكي تقول أنها خفضت البطالة تلجأ لألعاب بهلوانية
فهي تعمل دورات تعليمية في وقت محدد من العام و كل من هو مسجل كعاطل عن العمل و يذهب للحصول على دورة يسقط اسمه من تعداد العاطلين و يقومون بعمل احصاءات البطالة بعد ذلك و يقولون أن تعداد الباطلين قد تم تقليله بقدر كذا في المئة و هذا الفارق لم يعمل بل هو في دورة و بعدها في الغالب يعود لإدراج اسمه في كشوف العاطلين.
و فاتورة المحمول من شركة اس فير{ أس أف آر} وشركة أورنج و شركة بويج أتحدى أن يفهم منها أحد شيئا، و كل كم يوم تجد شخصا و المقصود هنا المثال فالأشخاص كثيرين بنفس الحال قد قطع عنه الخط لأنهم قد أخذوا كل ما لديه في البنك و لم يعد كافي و هو يؤكد أنه لم يستخدم هذه المكالمات و لكى تطالب أو تحاول الشكوى يرسلون لرقم خدمة يبدأ بصفر ثمانية و هذه لعنة أخرى فإذا كنت تعترض على فارق فى الفاتورة بعشرة يورو فستجد نفسك قد دفعت عشرين في مكالمة الشكاوى و لن تصل لشيء و كروت التليفون التى تباع للاتصالات الدولية تقول لك لديك مئة دقيقة على سبيل المثال و أتاحدى أن تحصل على نفس هذا الوقت و بعدها تتنقطع المكالمة فجأة و شركات الأنترنت تبيعك الوهم عن سرعات النقل، و عدد التليفون المحمول التى تشتريها من أى اوكازيون في الأغلب الأعم هي الماكينات التى فيها عيوب و بعد أن تشتريها تلف انت خلف الضمان أو قد تزهق و ترميها في القمامة. فالنصابين و من يبيعون الهواء و تجار المافيا مقرهم هذه البلدان التى قد تبدو لنا افضل من بلداننا.
فالاوربيين في الأغلب الأعم هم من يخترعون النصب على خلق الله و بكل أسف أن العربي مجرد مستورد لهذا النصب و لن يصل أبدا لنفس درجة ما يفعلونه।
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق