ما لا يرضى الجميع – بقلم عادل صيام
ارجو الا نكون مجرد عرائس تتحرك بخيوط يمسك بها الغير :
أنا لا أؤمن بفكر المؤامرة على طول الخط، و لكنني أعرف انه في أحيان كثيرة يكون هناك محركين للخيوط المتدلية من أعلى و نحن لا نراهم، بل إن هناك من يمشي رافعا راية ما، و يجد من يساعده و هو يظن أن من يساعده يدعمه من أجل تحقيق المثل العليا و الحق و الخير، و هو في ذاته يتمني تحقيق ذلك، و لكنه لا يعرف ان من يقوده، و يشعله بالحماس هو على عكس فكره تماما، و ان من يساعده هذا يستخدمه فقط لتحقيق هدف بعيد المدي.
لورانس العرب و الثور الأبيض:
و للنظر في صفحات التاريخ، كم لاقي العديد من القادة أو من ظنوا أنفسهم كذلك، الدعم و التأييد من أعداء اعدائهم و هم يأخذون بقاعدة أن عدو عدوي صديقي، و الحقيقة أن الأمر ليس كذلك فعدو عدوك صديقك إذا اتحد معك في الغاية و الهدف و المنهج على طول الخط، أما أن يتخذك عدو عدوك مجرد وسيلة لأضعاف عدوك و انهاك قواه، فالمؤكد أنه سيتفرغ لك من بعد، و نتذكر مقولة أكلت يوم أكل الثور الأسود، و لا يفرق كثيرا من الذي يبقى في النهاية هل هو الثور الأسود أو الثور الأبيض فكلاهما سيأكل، الفارق هو بعض الايام أو السنوات، و ما أقص السنوات في عمر الأمم.
و ما زال التاريخ العربي لا يكاد يكشف حقيقة لورانس العرب الذى، خرجت لنا عنه الكثير من الكتب، منها ما يقول انه كان بالفعل في صف العرب، و منها ما يؤكد أنه لم يتحرك إلا ليخدعهم، و في هذا الوقت كان الزعماء يظنون انهم زعماء، و هم في الحقيقة قد خدعوا من قبل مجرد جاسوس، اشعل النار في داخلهم ليستغل فرقتهم، و المشكلة الكبرى لدي العرب، أنهم يتمنون الزعامة، أكثر مما يتمنون خدمة الناس.
صدام حسن و اسامة بن لادن:
و كثيرين هم من انخدعوا بنصائح او تلميحات قوي كبرى، ثم من بعد انقضت عليهم هذه القوى، و كلنا يرف ما قيل عن أن الرئيس الراحل صدام حسين قد حصل على الضوء الأخضر، أو أنهم أوهموه انهم لن يتحركوا ضده إذا اقدم على التحرش بدولة الكويت، و كانت الحقيقة انهم يودون ان يزجوا به في هذا التحرك العقيم، ليكون لهم دافع منطقي و حتمي أن يدخلوا البلاد من دولها و عرضها و يضعوا لهم قواعد في كل البلدان التى تخشى من هجوم صدام، ثم أنهم ارسلوا له تحذير و آخر و امهلوه. و في نفس الوقت او تاليا له جاءت احداث سبتمبر، التى بها الكثير من الشبهات، و أقول أذا كان التنفيذ بأشخاص يحملون اسماء عربية، و هم قد تحركوا بدافع فكرهم أن يضروا بمصالح أمريكا، و لكنني لا أكاد أصدق أن اسامة بن لادن و أى تنظيم آخر يمكن أن يخرتق أجهزة أمن امريكا إلى هذا الحد، بل أن هناك من حللوا الكثير من التفاصيل التى تكاد تقول لنا أن أجهزة أمريكا نفسها كانت تعرف بما يحصل و ربما هم الذين سمحوا لتنظيم القاعدة بأن ينفذ ذلك، ليكون لهم الحق من بعد أن يدخلوا إلى افغانستان، و في الوقت الذي يريدون، و عندما ضربوا بلاد المسلمين اختاروا وقتا مقدسا لهم امعانا في ذل المسلمين و مشاعرهم، و ما أود قوله أن من ركبوا الطائرات و هجموا على مباني في أمريكا لم يكونوا سوى عرائس في نهاية الخيط، و المحرك لهذا الخيط لم يك اسمة بن لادن، بل هناك من خدع بن لادن نفسه على الرغم مم قد يتوفر للرجل من فكر، لكنهم اوهموه انه سيغير، و سيصل لهدف، و الحق انهم هم الذين توصلوا لأهدافهم ، و بعد ان افرغوا مخازن سلاحهم و اكتسبوا خبرة كبيرة في الحرب لم يسبق لهم الفرصة لها، و بعد أن تأكدوا من الكثير من الفاعلية الحقيقية جهزة لم يسبق لهم تجربتها على أرض معركة حقيقية، و كل هذه مكاسب مجانية جاءت لهم على طبق من ذهب.
قرروا التفرغ لنظام الحكم في العراق، و بدأو ينزرونه و يقولون له لديك مهملة و أخرى،و الحقيقة ان كل هذا لم يكن امهالا له بقدر ما كان امهالا لمصانعهم حتى تعيد ملأ مخازن السلاح التى سبق و أفرغوها على رأس افغانستان. و انتظروا ما يقرب من عام حتى اعدوا له عدتهم، ثم انتهت المهلة و بدأ القنابل تسقط على بغداد.
مصر و الدعوة للانتفاضة:
و اليوم ربما لا يكون الحراك السياسي الذى يتمناه الدكتور البرادعي في مصر، بنفس المدخل، الذى دخلوا منه، و لكن قد يظن الدكتور و غيره أنهم قادمون لأنقاذ شعب مصر، من ظلم بين، و تكون النتيجة شيء ليس بعيد الشبه عم حدث في العراق، فهل حظت العراق بالأمن بعد أن تنكروا لرئيسهم و اسلموه للمحاكمة و من بعدها للشنق، و بعد أن اذاعت القنوات الفضائية، صورة اسقاط حكمه كما لو كان فيلم سينما.
و أنا أقول للتاريخ، لو أن ريتشارد قلب الأسد تمكن من النيل من صلاح الدين لحدث لصلاح الدين مثل ما حدث لصدام حسين، و هم انفسهم قالوا انهم لن يتغاضوا عنه حتى يصبح تجربة عصرية لصلاح الدين، و الفكرة ببساطة أن صلاح الدين قام بجمع البلدان تحت لوائه حتى يتمكن مواجهة العدو، و نحن الآن نقول ان صلاح الدين حرر بيت المقدس، فلو تسنى لصدام اسباب النصر، لتغير الوضع و لصار في كتب تاريخنا رجل مغوار، و الحقيقة أنه ربما لم يتحرك صدام بنيية خالصة لوجه الله تعالى و لذا لم يرزق التوفيق و لم يرزق من يساعدونه لتحقيق ما أراده الله للأمة من عزة.
ما نحتاجه من الساسة:
و نسأل الله أن يرزق تلك الأمة من يتحرك فيها فقط لوجه الله تعالى، عاملا لصالح جموع الشعب المسكين الذى يثق في كل من حمل بوق و ارتفع صوته بكلام، قد يكون ظاهره الحق، و نسأل الله ان يكون باطنه أيضا الحق.
و نسأل الله الا نري مشهد مشابه لنزل جورج بوش الأبن بزيه العسكري منتصر على أرض مصر كما رأيناه يفعل لإنقاذ العراقيين من ظلم صدام.
فقد تتحرك لانتفاضة، و بالتالى يتحرك البوليس لكبح الانتفاضة، و تعلوا الأصوات صارخة الحقونا يا امريكا البوليس يقتل الشعب، و تأت أمريكا ناشرة العدل الوهمي في الكون لتتدخل، لتنقذ مصالح المؤمنين المسلمين على أرض مصر، و قبل ان تحلموا بالعدل الامريكي فانظروا تجربة العراق و افغانستان.
و أنا لا أقول ان حكم الرئيس مبارك ليس به سلبيات، فالكمال لله وحده، و لكن من المؤكد أنه أفضل بكثير مما آلت له دولة العراق، بعد زوال حكم من وصفوه بالطاغية صدام حسين.
و أعرف ان كثيرين قد يخالفوني الرأي لكنني أرى أن يموت ألف عراقي بيد صدام حسين أكرم و أشرف للأمة مما آل إليه الأمر الآن، و لأن يحكمنا مبارك ثلاثين سنة أخرى، أكرم و أشرف من ان يتم تغييره بانتفاضة أو انقلاب مدعوم من الخارج.
و إذا كانت كل احزاب المعارضة تتهم نظام الحكم الحالي بالعمالة و الجاسوسية و الخضوع لأوامر قوى الغرب، فما هو التوصيف الحتمي لحكم سيأتي بدعم الغرب مباشرة.
من أنا:
و في النهاية إلى كل من يسألونني كيف لي بهذا التفكير المثالي، و أنا أعلم انهم لا يصفوني بالصفة بمعناها الحميد بل بمعنى ان افكاري بعيدة عن الواقع، أنا اقول أن التغيير الحق، لم يكن يوما بالطريق السهل، و لم يكن بالانتفاضات و لا بالانقلابات، بل التغيير، لابد أن يأتي عن فكر و فلسفة، في النهاية أنا لست عضوا في الحزب الوطني، و من المؤكد أني لم أك يوما من حزب البعث.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق