http://www.foreca.com/

21‏/01‏/2010

فيلم دكان شحاته كلاكيت أول مرة بقلم عادل صيام


فيلم دكان شحاته

أول مرة بقلم عادل صيام


كنت كلما جاءت الفرصة لمشاهدة فيلم دكان شحاته لا أجد في نفسي الرغبة في مشاهدة الفيلم و كان هذا لمجرد فكرة مسبقة لدي كونتها عن بطلة الفيلم هيفاء وهبي قلت لنفسي ما الذى سأراه في فيلم من بطولة هيفاء وهبي غير تأكيد لتغنجها المفتعل الزائد عن الحد و الغير مبرر أمام الكاميرات لمجرد جذب العيون الجوعي و حثهم على دفع ثمن تذاكر حفلاتها و بالتالى فهي الآن تدخل لنشاط جديد و هو التمثيل لتمارس نفس الدور، و قلت لنفسي ان الشركة المنتجة تستخدم المعنية لضمان جذب الرواد إلى شباك التذاكر لمجرد مشاهدة هيفاء وهبي و لن يكون الفيلم فيه اي إضافة لا لي و لا لأي مشاهد أيا كان مستواه الثقافي.

و في يوم لم أجد لدي اي شيء لمشاهدته غير هذا الفيلم كل ما لدي من مادة فيلمية قد شاهدتها و ربما عدة مرات فلم أجد بدا من أن أقدم على مشاهدة فيلم دكان شحاته، و كانت المفاجأة.

فا الفيلم يكاد يكون خالى من المشاهد المثيرة جنسيا على الرغم من أن المخرج لم يفوت فرصة وجود هيفاء و هبي ليستثمر ذلك بوضع مشهد أو اثنين فيهم قبلات و عناق بين البطل الفيلم شحاته و حبيبته بيسه.

و لكن هذه المشاهد تعتبر جيدة و لها مبرر درامي على العكس من الكثير من المشاهد الأخري، فالفيلم على الرغم إن أساس القصة إنسانيا يعد أساسا جيد لعمل فيلم ناجح، لكن الخلط بين الأحداث السياسية ودراما الفيلم هوا ما جاء بشكل غير مبرر كما أن هناك الكثير من التكرار لمشاهد في الفيلم لا نعرف لها مبرر.

و الحشو في الفيلم جعله متخم بالكثير من الأشياء غير المترابطة، فبداية عقد الفيلم قائمة على قصة يوسف الصديق الذي يكرهه إخوته نتيجة لمحاباة الأب له و أنه من أم أخرى، ولكن عندما يكبر الأبناء و لأن الفيلم يود أن يجعل للمرأة دور محوري في الفيلم نجد أنفسنا أمام قصة أخرى من قديم الأزل و هي قصة هابيل و قابيل
حتى ان الأخ يقتل أخاه انتقاما منه لمجرد ان المرأة التى يحبها مال قلبها لأخيه .

الكبسولات المحشورة في الفيلم علي هيئة جمل قصيرة تأت على هيئة حوار بين الممثلين في الفيلم على الرغم أنها بمفردها ذات معني لكن تشعر إنها داخلة على الفيلم فالأب يقول لأبنه حرك صورة ناصر لتغطي الشرخ، الفكرة جيدة و مركزة و أداء الممثلين لها جيد جدا، و لا تشعر ان لها ضرورة في سياق الدراما غير ان المؤلف أو المخرج قررا أن يحمل لنا هذا الأب الصعيدي هذه الرسالة في ان الرئيس جمال عبد الناصر ـ في ذمة التاريخ ـ هو من حاول مدرة الشرخ، و انه لم يستطع لأن الشرخ كان واسعا، و كبسولة أخرى يقول العبقري عبد العزيز مخيون عن الرئيس أنور السادات : ربنا يسامحه، و نفهم من ذلك ان المخرج و ربما كل القائمين على الفيلم يميلون لحكم ناصر أكثر من حكم السادات، و لكن في نفس الوقت كغيرهم من الرافضين للواقع لابد أن لا يقبلوا الرئيس مبارك ، و ذلك من خلال ما يعرض في الفيلم عن قول الرئيس ان فترة حكمه لن تستمر أكثر من فترتين، مشاهد عن مجاعة في مصر و الناس تثور و توقف القطار المحمل بالقمح لسرقته المشهد معمول بحرفية شديدة و لكن ما علاقة هذا بقصة الفيلم حتى لم نرى اى من الأبطال يتحدث في السياسة، إلا جملة يقولها الأب الصعيدي لصاحب الفيلا أنا هنا من أيام ما والدك كان بيقعد في الفيلا دي مع النحاس باشا.

و ننتظر ان يكون لهذا الرجل الذى ورث فكرا سياسيا عن والده و عن ما كان يدور في البيت الذى تربى فيه لكننا لا نجد له أي دور محرك في البعد السياسي المحشور في الفيلم، و لكن البعد الوحيد لدور عبد العزيز مخيون و الذى ادى الدور بكل حرفية فهو رجل من عمالقة الأداء التمثيلي، و المنحة التى منحها للأب المتمثلة في جزء من حديقة الفيلا التى يمتلكها هذا الدكتور هي تطور طبيعي لموقف العداء الذى يتخذه الإخوة من أخيهم . حيث يطمعون في الحصول على الرث كله لأنفسهم.

و إذا قبلنا حقيقة أن بني آدم لا يملأ عينه سوى التراب، فلن نطالب المؤلف و المخرج بأى مبرر في ان يسرق الأخوة ميراث اخيهم حتى بعد ان صار ثمن الأرث مليون جنيه كان من الممكن أن يأخذ كل منهم حقه فقط و يعطون للثالث حقه و يبتعدون عنه و يعيشون في سلام.

الفيلم من الناحية الإنسانية جيد جدا ، و الأبطال محمود حميده يرتفع أداءه للدور إلى مصاف الدرجة الأولى من الممثلين الذين أدو دور الأب الصعيدي أذكر منهم الآن على سبيل المثال محمود ياسين، غادة عبد الرازق تثبت انها ممثلة حقيقة في الكثير من مشاهد الفيلم، فالدور خالى من أى إغراء أو دلال الأنثى بل هي الأخت الصعيدية التى تجعلك تحترمها و تقدر الشخصية و تتعاطف معها. أداءها لمشهد نهاية الفيلم و هي جوار جثة أخيها المقتول مشهد في منتهي الرقي في الأداء حتى انها تخطف بصرك عن كل ما حولها من صراخ. المبدعة المفاجأة هيفاء وهبي كممثلة لو وجدت المخرج الذى يسيطر عليها كممثلة و لا تتمرد عليه في بعض المشاهد تكون ممثلة جيدة، فهي في القليل جدا من مشاهد الفيلم التى نشعر فيها انها خرجت من عباءة الدور و تفرض علينا هيفاء المتغنجة التى تصطنع أنوثة و رقة مبالغ فيها.

هيفاء وهبي لو لم يحاولوا استغلال طغيان فكرة انها المغنية الراقصة التى ستجذب المشاهد لشباك التذاكر و قد تعمد المخرج ألا يصدم المشاهد فوضع مشهد رقصة ادتها هيفاء على انها هيفاء و المشهد في ذاته لا نستطيع ان نقبله دراميا إلا إذا قبلنا أن الفيلم يقول لنا أن المجتمع كله أصبح ممسوخ فلا يوجد اي عقل يقبل أن رجل صعيدي سيطلب من اخته ان تقوم ترقص لخطيبها بعد قراءة الفاتحة، و لا نعرف ما معنى ان ترقص ثم يتحول الأمر لشجار بين الأخ و العريس، مشهد آخر يستغل فيه المخرج هيفاء وهبي تجاريا و لو ان للمشهد مبرر فالمرأة المحرومة من حبيبها تعود للمنزل و تتزين و تلقي بنفسها على الفراش و نراها في حضن حبيبها و في هذه اللحظات أيضا تخرج لنا هيفاء لتطغى على بيسة، ثم نفاجأ كالمعتاد أن المشهد كله مجرد تخيل من المرأة المحرومة من الحبيب.

بعض الأفكار في الفيلم تعرض حقائق لها معني بعيد فالابن العاق الذى لم يسأل عن أبيه جاء من أمريكا و لابد أن يكون من أمريكا و يبيع البيت و الأرض لسفير دولة أجنبية يعني من سيملك الأرض هوا رجل أجنبي و البركة في التربية الأمريكاني، و المال الكثير الذى لا يأت إلا و معه اللعنة الكبيرة.

شخصية البطل التى لا اعرف إن كان المخرج يقصد بها عموم الشعب هي شخصية مسرفة في التسامح الذى لا مبرر له فلا رأيناه يتعلم الدين الذي سيكون وازعا له على هذا التسامح و لا رأيناه يقرأ في أى فلسفة، اللهم جملة واحدة يقولها له الدكتور صاحب الفيلا أن يعمل على الحفاظ على علاقته طيبة بإخوته و لا يجعل أبوه يفرق بينهم

يبقى لنا الدافع الوحيد الذي قد يبرر سلوكه المتسامح على طول الخط بحسب ما يعرضه الفيلم هو الضعف، فالفيلم يعرض لنا انه الأخ الأضعف دائما الغير ماهر في التجارة، و الذى يسقط على الأرض لقلة خبرته في العمل.

و لقد ضربه إخوته جوار قبر أخيه، و لا اعرف لماذا لم يفكر هذا الأخ المهضوم الحق في أن يلجأ للبوليس على سبيل او لمحامي، فهو حاصل على دبلوم و من المفترض ان لديه من التعليم ما يسهل له معرفة حقوقه و معرفة ان الحقوق يحميها القانون، بدلا من ان يذهب لينام امام الدكان في الشارع، و يأتى الأخوة غير المتعلمين ليمكروا له و يدخلونه السجن، و قمة الإسراف في جعل الاخ متسامحا من المخرج و المؤلف ان يخرج هذا الأخ من السجن باحثا عن إخوته ليراهم و يعيش معهم مسامحا إياهم دون ان نجد اي مبرر لذل خلال فترة السجن كان يقابل رجل حكيم يغير له من رد الفعل الطبيعي بالإحساس بالنقمة على من ظلموه، والوجه الملازم لشخصية البطل هو شخصية البطلة التى تحبه حتى سقوطه ميتا و لا نعرف السبب وراء ذلك، و لا نظن ان هذا النموذج موجود الآن في الحياة فقد أقدمت على حرق نفسها، و القت بنفسها من شباك المنزل لتسقط مكسرة العظام، إعلانا عن رفضها الزواج و الحبيب مسجون، و بعد ان يبيعها اخوها تمتنع عن زوجها و تأبى ان يلمسها حتى يتهموها في شرفها، ثم يلتفون من حولها حتى يتمكن الزوج المرفوض من اغتصابها، تحية لأداء هيفاء وهبي دورها و لكن المقصر هو السيناريو و الإخراج.

و عندما يخرج المسجون من سجنه نفاجأ أنه أصبح ذا قوة لا نعرف لها مصدر، ربما من سماعه للسيرة الهلالية يدخل فى المشاجرات في الشارع و يضرب أرباب السوابق، و يتشاجر معهم و يخلص احدهم و يحملهم للمستتشفى لينقذ حياته، و هذا الشخص ذاته يخشى منه ان يستولى على مكانه في موقف السيارات فيحاول من بعد جرحه لكنه يتفوق عليه و يربطه في عمود و لا يحله الا بعد ان يتعهد له بالبحث عن إخوته.


الاب يقول لأولاده عين واحد منكم هاتنجرح ، و هنا نرى ان المتحدث هو محمود حميده بثقافته و ليس الاب الصعيدي الذى يجب ان يقول هاتخرم مثلا او تنفخت

الأب يقول لابنه شحاته عايز اقعد مع ذاتي : و للمرة الثانية نجد ان محمود حميدة يتلكم بدلا من الرجل الصعيدي و لايوجد من يرده سواء كاتب أو مخرج، اي صعيدي هذا الذى يقول لابنه اقعد مع ذاتي، الاقرب ان يقول اقعد مع نفسي.

. أجمل ما في الفيلم هو الموسيقى التصويرية و الأغاني المصاحبة لمشاهد الفيلم على اختلافها. وأداء الممثلين كل في دوره، و مشاهد المجموعات التى تصورر للثورات التى يتمناها المخرج، و التى نتمنى الا تحدث بمصر.

تحية حب و تقدير لكل القائمين على الفيلم و المشاركين فيه فقد حاولوا و قدموا عملا ابداعيا، وكتابتي عنه هي مجرد رأي قد يشاركني فيه غيري و قد يلفت نظر آخرين لهذه الأفكار التى ترات لى عن الفيلم.

ليست هناك تعليقات: