http://www.foreca.com/

03‏/03‏/2010

الطـــلاق.. عندمـــا يصبـــح مثـــل شـــرب المـــاء


الطـــلاق.. عندمـــا يصبـــح مثـــل شـــرب المـــاء!



منيرة الفاضل/ كاتبة وحقوقيّة بحرينيّة

أصبح الطلاق اليوم كلمة تنطق بغاية السهولة وتداولها كشرب الماء، فمعدل الطلاق يتزايد يوماً عن يوم، وتُحَطمُ أرقام قياسية في معدلات الطلاق، وهي مشكلة تعاني منها جميع الشعوب العربية، وأصبحت المحاكم الشرعية زاخرة بقضايا الطلاق التي لا حصر لها.




فقد كشفت إحدى الإحصائيات في المملكة أن ثلث زيجات عام 2008 انتهت بالطلاق، الأمر الذي لا بد معه من قرع ناقوس الخطر وأخذ الاحتياطات اللازمة واقتلاع المشكلة من جذورها بوضع الحلول المناسبة، فالإسلام عندما شرع الزواج أضفى على عقد الزواج قدسية تسمو على سائر العقود الأخرى، لما يترتب عليه من آثار خطرة لا تقتصر على عاقديه ولا على الأسرة التي توجد بوجوده، بل يمتد إلى المجتمع؛ فهو أهم علاقة ينشئها الإنسان في حياته، وقد تيقن ذلك بعض النواب بالتفاتهم لهذه المسألة التي تهدد مجتمعنا، وما يترتب عليه من آثار سلبية. أسباب الطلاق كثيرة ومتعددة، لكن نذكر أهمها؛ أولاً: سوء الاختيار؛ فقبل الزواج هناك أمور لابد أن تؤخذ في الحسبان حتى يتسنى للإنسان العيش الكريم وهو أن يختار الزوجة الصالحة التي تعينه على أمور الدنيا وتربية الأبناء كما قال الرسول صلى الله وعليه وسلم ''الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة''، وهي أم الأبناء ومربية الأجيال وهو الأساس الطيب، وللأسف في أحيان أخرى يكون ولي أمر البنت هو سبب تعاستها وشقائها وذلك بتزويجها من رجل يكون فارق السن كبيراً بينهما من أجل تغليب مصلحة شخصية أو إغراءات مالية يمنحها ''العريس'' لأسرة البنت للظفر بها، فتتغاضى الأسرة عن جميع العيوب والفوارق العمرية من أجل المكاسب المالية أو الوجاهة الاجتماعية وتكون الضحية وكبش الفداء هي البنت، وسرعان ما تنتهي هذه الزيجة بالطلاق، كونها قائمة على أسس مخالفة لمقاصد الزواج التي شرعها الدين الإسلامي.


هناك من يتسرع في اختيار شريك الحياة والقبول بالزواج بناء على أحكام وتقديرات غير صحيحة.
كما إن تدخل الأهل وما أدراك ما تدخل الأهل، وضعف شخصية الزوج وصغر سن الزوجين وعدم قدرة التعامل مع الطرف الآخر، وفهم شخصيته غالباً ما يؤدي إلى الطلاق.




كما إن الأحوال المادية تلعب أيضاً دوراً كبيراً، فالكثير من الشباب يقبلون على الزواج ويفاجأون بعدم قدرتهم على إيفاء متطلباته خاصة ذوي الدخل المحدود، وإنجاب أبناء كثر مما يجعل رب الأسرة يتجه إلى معاقره المسكرات تهرباً من الواقع المرير وتكبده الأعباء المالية التي ترتبت في ذمته المالية، وتنتهي بالطلاق ويترتب على هذا الطلاق تشريد أسرة؛ أم بائسة وأولاد متشردون دون مأوى ولا نفقة، وربما يفصل رب الأسرة من عمله لانجرافه وراء المسكرات، فيرتكب السرقات وينتهي بوجوده خلف القضبان، هذا غالباً ما تكون النهاية.




ومن أسباب ازدياد نسبة الطلاق وتفشيه في مجتمعاتنا الخيانات الزوجية والزواج الثاني الذي يؤدي إلى دمار البيت الأول، وإهمال وتقاعس رب الأسرة بالاهتمام والرعاية، فترجع جميع تلك الأسباب لضعف الوازع الديني أو تقنع البعض بالوازع الديني المزيف، كما إن عدم وعي الشاب أو الشابة بالحقوق والواجبات الزوجية، وعدم تحملهم للمسؤولية والاتكالية على الأهل أو على أحدهما، مما يؤدي إلى نفاد الصبر لدى الطرفين وعدم وجود الوعي الكافي لدى المقبلين على الزواج وتفاجئهم بالواقع والمتطلبات الحياتية.


وأظهرت دراسة أجراها الاتحاد النسائي أن نحو 43٪ من قضايا الطلاق سببها العنف الأسري ضد المرأة، مقابل 27٪ بسبب علاقات خارج الزواج، و23٪ بسبب مرض نفسي للزوج أو هجره لزوجته.




كما اتخذ قانون أحكام الأسرة في قسمه الأول الجانب الوقائي الحد من انتشار معدل الطلاق، حيث أن القاضي لا يشرع في إجراءات الطلاق إلا بعد تثبت اِستمرار الشقاق واستحالة العشرة وفشل كل محاولات الصلح، فهذه الفترة فترة مناسبة للمراجعة قبل الإقدام على الطلاق ووعظ القاضي للطرفين بالعدول عن الطلاق، وخاصة إن أثمرت هذه الزيجة أبناء في عمر الزهور.




استطاعت ماليزيا وهي دولة إسلامية تقليل معدل الطلاق، حيث كانت تصل قبل عشر سنوات إلى 35٪، أما اليوم فقد أصبحت أقل من 7٪، وذلك لإخضاع المقبلين على الزواج لدورة تأهيلية وتدريبية لمدة ثلاثة أشهر، يتم فيها تعلم أساسيات المعاملة والأحكام الدينية والتثقيف الجنسي، ومن يفشل في اجتياز الدورة لا يحق له تسجيل الزواج في المحاكم الرسمية، وهي فكرة جيدة وتساعد على الحد من الطلاق وآثاره الوخيمة على المجتمع فلماذا لا تطبق؟



المصدر:

صحيفة الوطن البحرينيّة - -الأربعاء 03 مارس 2010 (1544) العدد

ليست هناك تعليقات: